القاتل الصامت ... فقر الدم.. أنواع متعددة وأعراض واضحة

تعد الأنيميا من الأمراض المنتشرة والشائعة بين الكبار والصغار، وتؤثر بشكل كبير في قدرة المريض أثناء القيام بالمهام والأنشطة اليومية، حيث إن أبرز أعراض الإصابة تتمثل في التعب العام، والإرهاق المستمر، وهي حالة تحدث نتيجة هبوط في عدد كرات الدم الحمراء التي يحتاج إليها الجسم، وعدم تعويضها، ويستهدف فقر الدم على الأكثر من يعانون سوء التغذية، والمدخنين، والمصابين بأمراض مزمنة. ويتم الكشف عن هذه المشكلة عن طريق فحص تركيز نسبة الهيمجلوبين في الدم، ومن ثم تحديد نوع العلاج المطلوب، الذي يعتمد بشكل كبير على التغذية السليمة، ومكملات الحديد، وفي الحالات المزمنة يتم خضوع المريض لنقل الدم، وفى السطور القادمة يخبرنا الخبراء والاختصاصيون عن هذا الموضوع تفصيلاً، وطرق الوقاية منه.


تقول الدكتورة آنجانا كانوث، أخصائية طب الأطفال وحديثي الولادة، إن نقص الحديد، وحمض الفوليك، أو فيتامين ب 12، تعتبر من المسببات الأكثر شيوعاً لفقر الدم عند الأطفال، وكذلك الالتهابات المزمنة مثل الملاريا، والسل، وعدوى الديدان الطفيلية، وهناك جماعات عرقية معينة مرجحة أكثر لوراثة فقر الدم مقارنة بغيرها، إضافة إلى عوامل أخرى من بينها النظم الغذائية المفتقرة للحديد، أو الفيتامينات، أو المعادن، وكذلك الخضوع للجراحة، أو التعرض لحادث أدى لفقدان كميات كبيرة من الدم، أو أمراض الكلى والكبد، أو وجود تاريخ عائلي للإصابة بفقر الدم، لا سيما الأنيميا المنجلية. ويعتبر شحوب الوجه من أبرز الأعراض، وكذلك المزاجية، والشعور بالتعب والدوار، أو تسارع معدل نبضات القلب، وضيق التنفس، وربما يعاني القليل من الأطفال اليرقان (اصفرار البشرة والعيون)، وتضخماً في الطحال، كما يتعرض المراهقون المصابون بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد لتأخر في النمو، ومشكلات سلوكيه
وتضيف: يتم تشخيص فقر الدم عند الأطفال في العادة من خلال إجراء فحص كامل للتاريخ العائلي والجسم من خلال اختبارات بسيطة للدم، تقيس مدى تركيز الهيمجلوبين، وعدد كريات الدم الحمراء، وفي حال كانت الأسباب وراثية، فربما يتطلب إجراء فحوص متقدمة للدم، مثل الفصل الكهربائي للهيمجلوبين، وفحص عينة من نخاع العظام.

علاج الصغار

وتؤكد د. آنجانا على أن العلاج يعتمد على المسببات الكامنة وراء حدوثه، والأعراض التي تصيب الطفل، وعمره، ووضعه الصحي العام، ومدى حدة الحالة الصحية لديه، كما يختلف بحسب نوع الأنيميا، ويكون ما بين الأدوية، وعمليات نقل الدم، والجراحة، أو زراعة الخلايا الجذعية، ويكون كالآتي: - في ما يتعلق بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، ينبغي إعطاء الرضع بدءاً من سن 4 أشهر، والذين يرضعون طبيعياً، سواء بشكل كامل أو جزئي، جرعة حديد تكميلية يومية حتى يصبحوا قادرين على تناول أغذية غنية بالحديد.
بالنسبة للصغار الذين يعتمدون على الحليب الاصطناعي، فهم لا يحتاجون لمكملات الحديد، لكون هذا النوع من الألبان يحتوي على الحديد المضاف.
- أما الأطفال والرضع الذين تتراوح أعمارهم بين سنة إلى ثلاث سنوات، فإنه ينبغي أن يتناولوا الرقائق الغنية بالحديد المضاف، واللحوم الحمراء والخضار، والفاكهة التي تحتوي على فيتامين (C)، حتى تساعد الجسم على امتصاص الحديد.

أنواع الأنيميا

وتشير الدكتورة نجلاء عبد القوي، طبيبة الصحة العامة، إلى أن الأنيميا حالة مرضية يقل فيها عدد كريات الدم الحمراء، ونسبة الهيمجلوبين في الدم عن المعدل الطبيعي، وبالتالي تقل قدرة الدم على حمل الأوكسجين، وهناك العديد من الأنواع، أبرزها أنيميا نقص الحديد الناتجة عن قلة وجود عنصر الحديد في النظام الغذائي اليومي، بسبب الرضاعة، والحمل، اللذين يتطلبان مخزوناً كبيراً من الفيتامينات والمواد الغذائية في الجسم، وكذلك الحيض، وكثرة تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، والتدخين، وفقر الدم الناجم عن نقص الفيتامينات، خاصة فيتامين (ب12)، وحمض الفوليك، اللذين يحتاجهما الجسم لإنتاج خلايا الدم الحمراء، وينتج هذا النوع بسبب تناول كميات قليلة من اللحوم، ووجود طفليات في المعدة أو الأمعاء، وكذلك حالتي الحمل والرضاعة.
وتكمل: هناك أيضاً الأنيميا المنجلية التي يتغير فيها شكل كريات الدم الحمراء إلى الشكل المنجلي، وتتحلل بعد فترة قصيرة من إنتاجها، وتعتبر من الأمراض الوراثية المزمنة، وهناك أنيميا البحر المتوسط المعروفة بالثلاسيميا، التي تحدث نتيجة خلل في الجينات يسبب فقر دم شديداً، ويكون العلاج عن طريق نقل الدم بشكل دوري.
مضاعفات ووقاية

وتنبه د.نجلاء إلى أن أغلب المضاعفات الناتجة عن الإصابة بفقر الدم بشكل عام، تكمن في التعب، والإجهاد، بمجرد بذل أي مجهود حتى لو كان بسيطاً، إضافة إلى زيادة في ضربات القلب وعدم انتظامها، حيث إن القلب يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لضخ كمية أكبر من الدم لتعويض نقص الأوكسجين، ما يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث فشل في عضلة القلب، ويمكن أن تتسبب أنواع فقر الدم التي تنتقل بالوراثة، كالأنيميا المنجلية، بمخاطر طبية حادة تشكل خطراً على الحياة، وتعتمد سبل العلاج على سبب الإصابة، فإذا كانت ناجمة عن نقص الحديد فمن الضروري أن يتناول المريض الكثير من الأطعمة الغنية بالحديد، مثل العسل الأسود، والخضراوات، والفواكه، والأسماك، ويمكن إضافة بعض المكملات الغذائية المساعدة، ويجب التقليل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
فوائد الحديد

وتشير الدكتورة رشا العاني، أخصائية طب الأسرة، إلى أن عنصر الحديد يعد من المغذيات الهامة التي يحتاج إليها الجسم بكميات قليلة، إلا أنه يلعب دوراً هاماً في الوقاية من العديد من الأمراض، ويتم امتصاص الحديد المهضوم من الغذاء في الاثني عشري الموجود في الأمعاء، ويقوم بتخزينه وإعادة استخدامه، ولذلك فإن نقص هذا العنصر الغذائي يترك نتائج سلبية، ومن أبرزها تضخم عضلة القلب، حيث إن الحديد مسؤول عن تعزيز مستويات الطاقة في الجسم، ويساهم في نقل الدم المحمل بالأوكسجين إلى العضلات والدماغ، وتحسين قدراتها، من خلال دوره في إنتاج الهيمجلوبين، كما أنه يدخل في تركيب النواقل العصبية، مثل الدوبامين، والسيروتونين، وغيرها.

نقص العنصر

وتؤكد د.رشا على أن نقص الحديد في الجسم يعتبر من الأمراض الشائعة، ويصعب تشخيصها لأنها تتشابه مع العديد من الأمراض، وهناك العديد من الأسباب التي تقف وراء هذه المشكلة المرضية، ولعل أبرزها في المقام الأول هو النزيف، وسوء التغذية، وتناول المشروبات التي تقلل من امتصاص الحديد من الغذاء، مثل الشاي والقهوة، إضافة إلى مشاكل الامتصاص في الأمعاء والاثني عشري، إلى جانب بعض من أمراض الجهاز الهضمي مثل داء كرون، ومن أهم الأعراض التي تترافق مع نقص الحديد ضيق النفس، والتعب عند بذل أقل مجهود، ما يعيق المرضى عن ممارسة نشاطاتهم اليومية، وتظهر علامات الإصابة أكثر شدة بعد ممارسة الرياضة، ويعاني الأشخاص زيادة ضربات القلب، ما يؤدي في المستقبل إلى تضخم عضلة القلب.

عناصر غذائية
وتبين د.رشا أن أغلب حالات نقص الحديد البسيطة لا تتطلب سوى تناول كميات كافية ووفيرة من الأغذية الغنية بالعنصر تكفي حاجة الجسم، وهناك مصدران غذائيان وهما الأطعمة، مثل كبد البقر، والأسماك المحار والحبار، وأيضاً الحديد النباتي الموجود في البقوليات مثل الفول، والفاصولياء، والعدس، والحمص، وكذلك المكملات الغذائية التي تؤخذ عن طريق الفم بعد استشارة الطبيب المختص، وإجراء الفحوص اللازمة. وننصح المرضى بتناولها قبل الأكل، وعلى معدة فارغة، من أجل الحصول على أقصى استفادة ممكنة، على الرغم من بعض التأثيرات المزعجة لهذا النوع من المكملات، مثل الطعم المعدني في الفم، وتغير لون البراز إلى اللون الأسود، والإمساك، إلا أنها مفيدة وهامة، إلى جانب ذلك يجب تناول فيتامين (C) ليساعد على امتصاص الحديد، وربما يلجأ الأطباء إلى استخدام الحقن في حال لم يستجب المرضى للعلاج بالمكملات عن طريق الفم.
فيتامين ب 12

يعرف فيتامين ب12 بأنه من أهم العناصر التي تساعد في تكوين كرات الدم الحمراء وتعويض المفقود منها، وعندما تنقص نسبة هذا الفيتامين في الجسم، فإنه يؤدي إلى الإصابة بأمراض فقر الدم، والإرهاق، والأرق، وفقدان التوازن، وغيرها من المشكلات المرضية، ولذلك يجب على الأشخاص الذين يعانون هذه الأعراض فحص مستوى نسبة الفيتامين عن طريق اختبار الدم، خاصة أنه يساهم أيضا في تحسين إنتاج البروتينات، وتحسين صحة العقل وتقليل التعرض لأمراض الخرف، وتقوية وظائف الذاكرة والتواصل، والوقاية من الاكتئاب، وتخفيف الشعور بالإرهاق، ويمكن تناوله في العديد من المأكولات والأطعمة الغذائية، مثل اللحوم، والدواجن، والسمك، والبيض، ومنتجات الألبان.

إرسال تعليق

أحدث أقدم