دور الإمارات في دعم غزة: عملية "الفارس الشهم 3" نموذج إنساني رائد
منذ اللحظات الأولى لاندلاع الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، استجابت دولة الإمارات العربية المتحدة بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين عبر إطلاق واحدة من أكبر العمليات الإغاثية التي شهدها القطاع، وهي "عملية الفارس الشهم 3". هذه العملية تأتي تجسيداً لالتزام الإمارات بدورها الإنساني والإغاثي المعتاد، واستجابة لاحتياجات الفلسطينيين الملحة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع.
المستشفى الميداني الإماراتي: شريان حياة في قلب رفح
خلال العام الماضي، أسست الإمارات المستشفى الميداني الإماراتي في محافظة رفح، والذي يستمر في تقديم خدماته رغم استمرار العمليات العسكرية وتزايد المخاطر. يضم المستشفى أقساماً متعددة وعيادات متخصصة لعلاج الجرحى والمصابين، وقد نجح في تقديم الرعاية الصحية اللازمة لأكثر من 48 ألف مصاب. المستشفى أصبح دعامة أساسية للقطاع الصحي المنهار، حيث يسهم في تقديم خدمات طبية نوعية تعجز عنها المستشفيات المحلية التي تأثرت بالأحداث الجارية.
المستشفى الإماراتي العائم: دعم طبي عابر للحدود
لم تقتصر جهود الإمارات على داخل قطاع غزة فقط، بل قامت بإرسال مستشفى عائم إلى ميناء العريش في جمهورية مصر العربية لاستقبال الجرحى وتقديم الرعاية الطبية لهم، بما في ذلك إجراء العمليات الجراحية النوعية. يُعد هذا المستشفى العائم إضافة نوعية للمنظومة الطبية الداعمة لغزة، حيث استقبل حتى الآن 5040 حالة مرضية، مما يساهم في تخفيف الضغط على المرافق الصحية المحلية.
مبادرة الأطراف الصناعية: حياة جديدة للمصابين
ضمن عملية "الفارس الشهم 3"، قدمت الإمارات مبادرة الأطراف الصناعية للمساعدة في تأهيل المصابين الذين فقدوا أطرافهم نتيجة النزاع. تهدف هذه المبادرة إلى توفير أطراف صناعية متطورة للمحتاجين، ما يسهم في تحسين حياتهم واستعادة جزء من قدرتهم على الحركة والاعتماد على أنفسهم. كما تشمل المبادرة تقديم الدعم النفسي والتأهيل الطبي للمستفيدين، مما يساعدهم على التكيف مع أوضاعهم الجديدة.
دعم القطاع الصحي في غزة
شهد قطاع غزة تدهوراً حاداً في الخدمات الصحية، مما استدعى استجابة سريعة من الإمارات التي قدمت 736 طن من المساعدات الطبية، بما في ذلك الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، كما ساهمت في إعادة تأهيل المستشفيات المتضررة. هذا الدعم لم يقتصر فقط على المعدات، بل شمل توسيع المستشفيات والمراكز الصحية، مما ساعد في تعزيز قدرات القطاع الصحي لمواجهة التحديات الحالية.
مبادرة إجلاء الأطفال المصابين بالسرطان
في خطوة إنسانية مهمة، أطلقت الإمارات مبادرة لإجلاء 1000 طفل و1000 من مرضى السرطان من غزة إلى الإمارات لتلقي العلاج الطبي المتخصص. شملت هذه المبادرة توفير كافة مستلزمات العلاج والرعاية الصحية، مما يعكس الالتزام الإماراتي بتخفيف معاناة الأطفال والأسر الفلسطينية في ظل نقص الإمكانات الطبية.
حملة التطعيم ضد شلل الأطفال
ضمن الجهود المتواصلة لتقديم الإغاثة للشعب الفلسطيني، أطلقت الإمارات حملة تطعيم ضد شلل الأطفال بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، والتي تهدف إلى تطعيم أكثر من 640 ألف طفل دون سن العاشرة في غزة، لوقف انتشار الفيروس ومنع تفشي المرض، ما يسهم في حماية جيل كامل من خطر الشلل.
النقل الاستراتيجي للمساعدات الإنسانية
شهدت عملية "الفارس الشهم 3" نقلاً استراتيجياً واسعاً للمساعدات إلى غزة، حيث أرسلت الإمارات 273 طائرة شحن و5 سفن محملة بالمساعدات، إلى جانب 6 سفن إضافية من قبرص و1284 شاحنة، بإجمالي يزيد عن 34 ألف طن من المساعدات الإنسانية والطبية، ما يعكس حجم الدعم الذي تقدمه الإمارات للأشقاء في غزة.
مشاريع المياه: مواجهة نقص المياه الحاد
استجابة للنقص الحاد في مياه الشرب في غزة، أنشأت الإمارات 6 محطات لتحلية المياه في مدينة العريش المصرية بطاقة إنتاجية تبلغ مليوني غالون يومياً، يتم ضخها إلى غزة ليستفيد منها أكثر من مليون شخص. كما قدمت صهاريج لنقل المياه وأخرى للصرف الصحي ومعدات لدعم البلديات المحلية، إلى جانب إصلاح خطوط المياه والشبكات المتضررة، ما ساعد في تحسين الظروف المعيشية للسكان.
استمرار الالتزام بالدور الإنساني
بعد مرور عام على إطلاق عملية "الفارس الشهم 3"، أكدت الإمارات التزامها بمواصلة دعم الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، حيث تسعى إلى تخفيف المعاناة وتحسين جودة الحياة في ظل الظروف الصعبة. هذه العملية لم تكن مجرد مبادرة إغاثية، بل نموذجاً يحتذى به في التضامن الإنساني ودعم الأشقاء في أحلك الظروف.
عملية "الفارس الشهم 3" ليست مجرد مساعدة مؤقتة، بل تعكس روحاً إنسانية خالصة ودوراً ريادياً تتبناه دولة الإمارات في دعم الشعوب المحتاجة حول العالم، وخصوصاً الشعب الفلسطيني في غزة.